المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المنتدى الجديد وشكرا المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المنتدى الجديد وشكرا

Wednesday, October 7, 2009

أنفلونزا الطيور.. هلع لا داعي له


هلع أنفلونزا الطيور.. لعبة سياسة و بيزنس
أنفلونزا الطيور.. هلع لا داعي له

بقلم - هشام سليمان


لا أخال أني أغالي إذا زعمت أن الأحاديث الدائرة الآن حول أنفلونزا الطيور هي الأهم مطلقا إذا كان الأمر يتعلق بمجموع الجنس البشري.

أنفلونزا الطيور حتى الآن ليست وباء، ورغم أنها قديمة وموجودة قبل قرون، فإنه لم يثبت بعد انتقالها من إنسان لآخر، ولا تنتقل من الطيور المصابة بها للبشر إلا لمن يباشرها أو يتعامل معها بيديه، والوصول إلى هذا القدر من شيوع الهلع في كافة أرجاء المعمورة كان مخططا ووافق أجندة سياسية وتوقيتا محددين، فضلا عن كونه في نهاية المطاف يصب مباشرة في مصلحة أشخاص بأعينهم سوف تتفاحش ثرواتهم بسبب مبيعات العقار الذي يقال إنه الوحيد المتوفر الآن لعلاجها والوقاية منها رغم أنه لم يتم تجربته على نطاق واسع وعلى مدى زمني كبير حتى تتأكد فاعليته وتثبت، بل وتثور شكوك حول جدواها من الأصل.

في الواقع ليس هذا كل ما لدي عن الغول الذي يحاول سياسيون ترسيخ الخوف منه في نفوس الناس وإيهامهم بأنهم يقومون كساسة بما ينبغي عليهم تجاه شعوبهم، ويلح إعلاميون في بث الرعب في صدور الخلق في تواطؤ يعف اللسان عن وصفه.

وقبل عرض بعض الحقائق التي تكتنف ذلك الغول، فإني أقرر أن الصورة الذهنية الراسخة الآن لدى الكافة عن مرض أنفلونزا الطيور أنه وباء سوف يتفشى ليقضي في وقت يوصف غالبا بالوشيك على مئات الملايين من البشر، وأنه لا بد من اتخاذ كل الإجراءات والتدابير اللازمة لمنع انتشاره، أو تقليل الخسائر قدر الإمكان إذا ما تفشى، هي كما هو واضح تغاير جملة من الحقائق.

الضحايا والخسائر

أما الخسائر في صناعة تربية الدواجن في آسيا فهي جد فادحة، وكانت وسائل الإعلام تحاول حصرها فيما مضى، لكنها ما لبثت أن تستخدم تعبيرات، مثل عشرات الملايين وما إلى ذلك، أما الآن فقد توقفت حتى عن ذلك، اللهم إلا في حالات استدعاء خلفيات مرض أنفلونزا الطيور فتطلق تعبيرات مشابهة.

لكن هذا يحتاج لشيء من التفصيل ففوق ظهور حالة أو بضع حالات في مزرعة أو عدة مزارع متجاورة، ففي حالة ترك المزرعة سوف تصل حالة النفوق بسبب المرض إلى نسبة 100%، ولكن غالبا ما تتخذ الإجراءات الوقائية والاحترازية لمحاصرة المرض ومنعه من الانتشار، فتعتمد المقاومة في المقام الأول على وأد المرض؛ وذلك بالتخلص من الدجاج وحرق مزارع الدجاج بالكامل بمحتوياتها من أجهزة ومبانٍ وتعويض صاحب المزرعة عن هذا. وهذا تكرر كثيرا بإعدام مزارع بأكملها في آسيا، وهذا الذي وصل بأعداد الخسائر ربما إلى مئات الملايين، أي أن الهلع هو الذي أدى لتلك الخسائر وليست أنفلونزا الطيور ذاتها.

وفي أوربا فإن الأمر لا يتجاوز ببغاء ميتة في بريطانيا وأربع بطات في رومانيا، وهذه ليست دعابة بل هي حقيقة.

أما إذا انتقلنا إلى الضحايا فإننا أمام نحو نيف وستين حالة وفاة في عدة دول آسيوية بدءا بـ 18 حالة وفاة في هونج كونج عام 1997، ثم يعاود الظهور مرة أخرى عام 2003 في كوريا الجنوبية والصين وتايلاند ولاوس وكمبوديا وإندونيسيا، فضلا عما يزيد عن مائة وثلاثين مصاب بأنفلونزا الطيور خلال تلك الفترة الزمنية الممتدة، معظمهم كانوا يعملون في مزارع دواجن وكانوا يتعاملون بأيديهم مع الطيور المصابة بعدوى المرض، فهل هذه الأرقام وهذا المدى الزمني يشيران إلى وباء؟.


ليست وباء "ولا يحزنون"

قلت إنها ليست وباء، ففيما يلي شرح منظمة الصحة العالمية للمراحل الثلاث الرئيسية التي يمر بها الفيروس المسبب لمرض ما وهو ينتشر إلى أن يصل لدرجة الوباء.

المرحلة الأولى: يظهر فيروس جديد ليس لدى السكان مناعة كافية ضده.

المرحلة الثانية: يتمكن الفيروس بعد ذلك من التكاثر والتناسخ داخل جسم الإنسان ويتسبب في مرض خطير.

المرحلة الثالثة: ينتقل الفيروس بشكل مباشر بين البشر ليصيب أعدادا كبيرة منهم ويؤدي في كثير من الحالات إلى الوفاة.

وكما هو واضح من ذلك العرض وبقياس حالة أنفلونزا الطيور فإننا لسنا بصدد فيروس ينتشر بشكل وبائي.

ورغم ما سبق فإن وسائل الإعلام غالبا ما تصف أنفلونزا الطيور بإحدى كلمتين كلتاهما تعني وباء مع فارق فني طفيف، فهذه الوسائل تصف أنفلونزا الطيور إما epidemic وهي تعني تفشي مرض في مكان وزمان محددين، فضلا عن إطلاق الوصف الإنجليزي الآخر pandemic ويعني تفشي مرض في قطر بأكمله أو عدة أقطار معا.

بل إن المرحلة الأولى في مراحل تحور فيروس مسبب لمرض ينتشر وبائيا محل نظر، فلاحظ معي وصف "جديد" للفيروس وهو في سياق التطور من مرحلة لأخرى حتى يتحول لوباء لم يتحقق، وقد سبق وصف أنفلونزا الطيور في صدر الموضوع بأنها قديمة وموجودة منذ قرون، هذا يقودنا إلى الحقيقة الثانية.


ليست جديدة


قلت إن أنفلونزا الطيور ليست جديدة وهذا ما أكدته إجابة أول سؤال ورد في حوار حي مفتوح مع الدكتور أحمد عواض أستاذ ورئيس قسم أمراض الدواجن بكلية الطب البيطري بجامعة القاهرة وأجري على شبكة "إسلام أون لاين.نت".

قال العالم المتخصص: "إن مرض أنفلونزا الطيور هو مرض معروف من فترة طويلة منذ 1870م وموجود في مناطق مختلفة من العالم ومنها مصر وكان يعرف باسم طاعون الطيور ولم يكن يسمى مرض الأنفلونزا في هذا الوقت وتواجد في مصر منذ الأربعينيات والخمسينيات ولم تكن هناك أي حالة إصابة للبشر على مستوى العالم بأسره.

وكانت معامل الأمصال البيطرية تنتج لقاحًا لهذا المرض باسم لقاح طاعون الطيور واختفى المرض من مصر ومن العالم العربي في أوائل الستينيات ولم يظهر مرة أخرى.

ومع تقدم علم الفيروسات عرف أن الفيروس المسبب للمرض ينتمي لمجموعة فيروسات الأنفلونزا، ومن المعروف أن فيروسات الأنفلونزا تنقسم إلى 3 أنواع "ABC"، النوع B, C خاصان بالآدميين، أما النوع A فيصيب البشر والطيور أيضا والخنازير والحيتان وحيوان المنك".

إذن فالمرض قديم من عشرات العقود حتى يمكن وصف قدمه بالقرون، ولي عدة ملاحظات في كلامه العلمي الموثق، أكتفي بواحدة منها في سياقنا هذا؛ حيث يصف العالم المرض بأنه "معروف" منذ عام كذا وكذا، وجلي عن البيان أن هذا الوصف يختلف عن كونه "موجودا" منذ عام كذا وكذا، والتاريخ المذكور هو تاريخ معرفة العلم الحديث بالمرض، لكن المرض نفسه -في غالب ظني- ربما كان موجودا قبل ظهور البشر.

يعزز ذلك الظن ما جاء في تقرير مهم للدكتورة نهى سلامة الاختصاصية في علوم الحيوان، ونشر أيضا على "إسلام أون لاين.نت" قالت فيه بالحرف الواحد: "حتى الآن لم يعرف بدقة مصدر هذا المرض وما زالت الأبحاث وليدة تحتاج لكثير من الجهد مع تلك الأنفلونزا المحيرة.. إلا أن أصابع الاتهام تشير مبدئيا إلى الطيور البرية الحاملة للفيروس وخاصة الطيور المهاجرة، وبينما لا تمرض هذه الطيور بالفيروس فإنه مميت للطيور المستأنسة.

فحينما تصاب دجاجة بالفيروس فإن العدوى تنتقل بسهولة بين الدجاج المتزاحم جنبا إلى جنب في الأقفاص عن طريق ملامسة لعاب الطير المصاب، أو إفرازات أنفه أو برازه، ثم تنتقل العدوى إلى الإنسان إذا لامس هو الآخر الدجاج المريض في بيئة غير معقمة حيث يخرج الفيروس من جسم الطيور مع فضلاتها التي تتحول إلى مسحوق ينقله الهواء، ويمكن أن يعيش الفيروس لفترات طويلة في أنسجة وفضلات الطيور خاصة في درجات الحرارة المنخفضة.

إذن فالجديد هو مزارع تربية الدواجن التي تكتظ بملايين الدجاج للوفاء باحتياجات أعداد هائلة من البشر من لحم وبيض وغيره.

هذه المزارع خاصة ذات الظروف غير الملائمة لتربية الأعداد الضخمة من الدواجن تعد تربة خصبة لانتشار الكثير من الأمراض، ويكفي أن يتواجد أحد الطيور البرية الحاملة لفيروس أنفلونزا الطيور في إحداها حتى ما يلبث أن ينتشر المرض بين الدواجن، وفضلا عن ذلك تجاور مزارع الدواجن مع مزارع للخنزير، وهذا أيضا قد يكون سببا مباشرا في انتشار المرض، وهذه الحقيقة سوف نعرض لها في موضع أكثر أهمية من هنا.

لربما اعترض معترض على هذا العرض وذلك الترتيب، باعتباره تهوينا؛ لذا فإن آراء الخبراء والمتخصصين في ذلك الصدد تعد ذات أهمية بالغة، وهذا هو الشق التالي من الملف

-----------------------

اقرأ أيضا في الملف:

أنفلونزا الطيور.. هلع لا داعي له
الخبراء يستنكرون الهلع من أنفلونزا الطيور
عن صناعة الهلع من أنفلونزا الطيور
سبوبة أنفلونزا الطيور
تامي فلو في الميزان

No comments: